كان عالمًا كبيرًا وشاعرًا قديرًا. ولكنّه كان ملحدًا، وكان يجاهر في إلحاده.
بروزه في العلم مكّنه من الانخراط في إحدى المدارس مربّيًا. وكان زملاؤه المؤمنون يراقبونه خوفًا من أن يستفيض بمجاهرته، أو يؤثّر على أحد اليافعين.
لم يمنعه إلحاده من التغزّل بمآثر تيّار النهضة في كنيسته. فكتب له نشيدًا قال فيه أشياء لا يقولها ناكر.
لم يفهم الكثيرون دافعه الحقيقيّ إلى كتابة هذا النشيد الذي أذهلت معانيه كلّ من سمعه، وغنّاه. بعضهم قال إنّ في الرجل سرًّا عميقًا، وآخرون قالوا إنّه شاعر أغراه اللهب الذي رآه ينتشر كما تنتشر النار في الهشيم. ولكنّهم جميعهم توافقوا على عدم فهمه حقًّا.
ثمّ أراد الله أن يكشف سرّه لرجل ملتزم كنيسته كان زميلاً له في التعليم، وكان يعرف إلحاده. والكشف تمّ بمعرض الصدفة. فهذان طُلِبَ منهما أن ينتقلا من مكان عملهما، في المدينة التي يقطنانها، إلى مدينة أخرى ليشاركا في تصحيح مسابقات الامتحانات الرسميّة في تلك السنة. ونزلا معًا، في فندق، في غرفة واحدة.
هذه المرافقة، وما تزيده من قربى وما تفترضه من أحاديث، جعلت الرجل الملتزم يشكّ قليلاً في إلحاد زميله. ولكنّ ما جعله يتأكّد أنّه كان يرى زميله "الملحد"، في كلّ ليلة، بعد أن يخلد كلّ منهما إلى سريره، يقوم، ويقترب منه ليتأكّد من استغراقه في النوم، ثمّ يبتعد قليلاً ليناجي الله الذي ينكر وجوده في النهار، ويسكب نفسه أمامه!