3يونيو

ترنيم الربّ في أرض غربة

       كان أحد موظّفي المصارف، الذي يعنى بتحويل الأموال من لبنان إلى الخارج، ينقل، بتأثّر شديد، خبرًا عن فتاة "غريبة" تخدم في منزل أحد أصدقائه.

       قال: هي صبيّة وضيعة، تركت أهلها وبلادها طلبًا للعمل، وإعانة أبويها على شظف العيش وشرّ الجوع والمرض.

       هذه وصلت إلى منزل أحد أصدقائي بداعي الصدفة. هو لم يخترها. ولكنّه اتّبع الطريقة المعهودة للحصول على الخدم. فلجأ إلى مكتب للتوظيف، وَوُهِبَ ما كان يتمنّاه: فتاة مؤمنة، وأمينة، تخدمه وعائلته بإخلاص وفرح كبير. وأردف: قد تكون هذه الأوصاف أوصافًا عاديّة. ولكنّنا إذا رأينا إلى هذا الزمن الرديء، الذي شاع فيه حبّ الذات والكسل والاستغلال، فتغدو هذه الأوصاف أوصافًا استثنائيّة.

       ثمّ تابع: ولكنّ اللافت ليس تزيّنها بهذه الأوصاف فحسب. اللافت أنّ هذه الفتاة تركت بلادها، وأتت إلى لبنان منذ ما يزيد على السنة، وأنّها جمعت مبلغًا من المال سلّمني إيّاه صديقي لأرسله، تبرّعًا منها، إلى كاهن رعيّتها الذي يشرف على بناء كنيسة في قريتها. وما أذهلني أنّ المبلغ المجموع هو كلّ الأجر الذي قبضته هذه التابعة في سنة خدمتها الأولى!

شارك!

جميع الحقوق محفوظة، 2023
Skip to content