تعوّد بعض فقراء المنطقة كرمه. فهو إنسان مفعم بخيرات هذه الأرض. ولكنّه، قبل هذا، كان الله قد أحسن إليه بنعم كثيرة.
من حسناته أنّه ما كان يترك الذين يساعدهم يحسّون بأنّه هو من يفعل. وطريقته كانت بسيطة: كان يتصدّق عليهم، بخفر شديد، ويردّ كلّ شكر يوجّهه أحدهم إليه، بقوله له: إنّ الله هو الذي يعطي. هذا من فضله وحده. لا تشكر ترابًا، اشكر له كرمه. وانسَ أنّك أخذت ما هو لك.
كان بليغًا في عطائه، وبليغًا في وعيه. وهو لم يكن كذلك لولا وفرة النعمة، التي جمّله الله بها، والتي كانت فيه راهنة.
جاءه، يومًا، رجل يطلب عونًا. فلبّاه. رأى ذلك إنسان من معارفه كان يزوره صدفة، فقال له: هل لي أن أسألك ماذا أراد هذا الرجل؟ قال: طلب خدمة. فسأله زائره مجدّدًا: وهل لبّيته؟ قال، بعد أن عرف مغزى سؤاله: أجل. فقال له: إنّ هذا الرجل باطل ومخادع. أجابه: أنا أعرفه. فقال له: إذًا، لِمَ ساعدته! قال: هو طلب، وأنا فعلت. أنا لا أفحص النوايا. الله يفعل. وإذا كان هذا الرجل محتاجًا حقًّا، يكون قد أخذ حقّه. أمّا إذا كان مخادعًا، فله من يحاسبه. ثمّ أضاف مستعيرًا من تعليم القدّيس سمعان اللاهوتيّ الحديث الذي كان مولعًا به وبأقواله: "كلّ واحد يحكم في شأن غيره بحسب حاله، سواء في الفضيلة أو في الرذيلة"، وأنا حكمت أن أساعده، حتّى إذا كان باطلاً لا أتساوى وإيّاه في البُطل!