روى سركيس نعّوم، في كتابه "من مزيارة إلى واشنطن"، أنّ الأستاذ غسّان تويني أخبرهم أنّه، في مطلع شبابه، كتب مقالاً اعتبره عظيمًا، وسلّمه لأبيه. أخذ أبوه المقال، مزّقه، ورماه في سلّة المهملات. ثمّ قال له: "إذا أردتَ أن تشتغل صحافيًّا، انزل وابدأ من المطبعة". ردّتني هذه الرواية إلى واقعنا اليوم. لاحظوا ما الذي أعطانا إيّاه هذا الفايسبوك! افتراضيًّا، كلٌّ منّا بات يملك مطبعة! سقط من أمامنا عمومًا أنّ الكتابة ارتقاء، "مهنة" لا أحد يصبح معلّمًا فيها إن لم يتقنها من ألفها إلى يائها. ليس هذا فقط، بل كلٌّ منّا أيضًا بات له متابعون يمكنه أمامهم أن يُطلق أفكاره، يُعلي ما يشاء، ويُدني ما يشاء. ليس من صادق أكثر من أب محبّ ينصح ابنه. نعم، الكتابة، ككلّ صناعة، لها آباؤها.
جميع الحقوق محفوظة، 2023