كان ممدّدًا على سريره، في المستشفى، عندما دخل عليه كاهن رعيّته زائرًا مطمئنًا. فلمّا رآه أجهش بالبكاء، وقال له بصوت متهدّج: لقد انقضى وقت طويل لم أذهب فيه إلى الكنيسة. أجابه زائره: لا يقلقك ذلك، فالله يعرف وضعك، ويعذرك. قال: هذا الجسد يضنيني! ردّ كاهنه عليه: هو عطيّة من الله، ولقد شاء الله أن نحبّه في قوّتنا وفي ضعفنا. قال: لقد أتيتني مشكورًا، وأنا أؤمن بصلاة الكنيسة، فهل يمكنك أن تصلّي من أجلي ليساعدني الله، ويفتقدني برحمته؟ أجابه: جئت لأراك، ونصلّي معًا.
اقترب الكاهن منه، ووضع يده على رأسه. ولمّا بدأ بالصلاة أرسلت عينا الرجل المريض الدمع مدرارًا، وبقي على حاله حتّى انتهيا. فقال المريض: اعذرني، لم أقدر على ضبط نفسي. قال زائره: إنّ عينيك شاركتا في الصلاة على طريقتهما، فما من داعٍ للاعتذار. الدموع الصادقة دلالة على الحسّ الصادق. ومن يبكي، راجيًا، في هذا الدهر، يغسل ذاته من وسخ الأرض، وتصحّ علله الحقيقيّة، ويستقرّ في ملكوت العافية.