الأب إيليّا متري يأخذ الحادثة من الحياة، ويرويها بأسلوب القصّة. غير أنّها قصّة المعرفة الإلهيّة مسكوبة خبرةً وتحوّلاً إلى وجه يسوع الحلو. كتابة هي حياكة بين آلام الناس وتطلّعاتهم إلى فوق وإلى الآفاق التي يرسمها هذا الـ"فوق".
أنت تمتدّ إلى الأفق بالقوّة النازلة عليك من علُ. القصّة-الحادثة الهادية هي التي شهد لها المؤلّف في خلايا "حركة الشبيبة الأرثوذكسيّة"، ليس لأن خارجها ليس مِنْ تنزُّل للنعمة ليمتدّ أثرها، ولكنّ الأب إيليّا رأى، وسمع، وشهد، ويروي ما عيش في هذه البيئة الفريدة في كنيستنا. ويترجم حياة هؤلاء الشبّان الآتين من الكلمة، برجوعه إلى الكتاب الإلهيّ، غيارى على الكلمة حيّةً في مسالكهم، وتأخذ بذا معناها الأخير.
الكتاب معزّز بالآيات الكريمة، بحيث يذهب منها القارئ إلى العمل، ثمّ يعود إليها مزكّيًا عمله. هنا، ترى أنّك لا تزيد على الكتاب شيئًا، ولكنّك تجعل قلبك المضاء يقرأه. موهبة الكاتب أن يجعلك تفهم الكتاب الإلهيّ من خبرة الشبّان والشابّات الذين أُعطوا جهد أن يحبّوا المسيحيّة بكلّ أبعادها. بتعبير آخر، أنت تأتي من الكلمة إلى العيش، وتعود من العيش إلى الكلمة، وهو كلّه محفوظ في الممارسة الحركيّة للمركز والفرع والفرقة وما إليها. وهذا الالتقاء بين ما أوحي وما عيش هو ما نسمّيه الالتزام.
وهو التزام الحبّ والمكاشفة والمشاركة في الكلمة الواحدة والعطاء الكلّيّ. بصورة خلاّبة يصف الأب إيليّا كيف يقارب الحركيّون القادم إليهم، كيف يتحدّثون إليه حتّى يستسلم لصداقتهم ورقّتهم. الدخيل يربط بين كلامهم ومحبّـتهم. غير أنّ الكاتب لا يكتفي بإيضاح روحانيّتهم بشمولها، ولكنّه يذكر الكتب التي يستعملون والخدمة الإلهيّة التي يشتركون فيها. غير أنّ هذه الاستنارة أثارت عداوات، فهناك من يلحّ على ألاّ يستنير، ولكنّك أنت تمشي بالضياء الذي انسكب عليك.
في قلب هذا الضوء همّ الفقراء والعناية الواقعيّة بهم. وهنا، يتوسّع المؤلّف، لأنّ الإخوة، بسبب فقرهم، كانوا يحنّون على المحتاجين. ثمّ يأتي الحديث عن الأطفال ورعايتهم في الحركة.
لا يهمل الأب إيليّا جانبًا من جوانب الحياة الروحيّة في هذه الجماعة الفتيّة إلاّ ويطرقه. من هنا كلامه المطوّل على الترتيل وأخلاقيّة المرتّلين. ثمّ ينتقل إلى أنّنا جميعًا، في الدير وخارج الدير، مخصّصون لله كلّيًّا.
في الأخير، يُخطف الكاتب خطفًا كبيرًا في حديثه عن المسيح المحبوب وعن ذلك الذي رأى حبّه.
نصّ موصولة فيه الرؤية والحبّ، ويمكن أن يكون قصّة كلّ من تعهّد مبادئ الحركة وحركيّة هذه المبادئ في النفس. وإنّها حكاية كلّ روح مع المسيح وسط جماعة تريد نفسها فقط له. هذا ليس فيه اعتزاز ببشر. هذه حكاية الأعجوبة، تغيير يحدث عند كثيرين. والأعجوبة أن ترى وجه يسوع، وتصير به إنسانًا جديدًا.