هو الأحد الرّابع للفصح أو الأحد الثالث بعد الفصح. يدور موضوع هذا الأحد حول الماء المتحرّك في بركة الضأن (أو بركة بيت حِسدا) ومعجزة شفاء المخلّع.
هل سمعتُم ما سمعتُهُ الآن؟ رجل كلّمني أنا! لقد أمسى لي ثمانٍ وثلاثون سنةً لم أسمع أحدًا يوجّه إليًّ كلمةً واحدة. أنا أشبه شعبًا تاه في البرّيّة مدّةً تشبه مدّتي إنّما باختلاف ظاهر. هؤلاء كان الله يسير معهم، ويكلّمهم، ويعولهم. أمّا أنا، فإنسان مهمَل متروك. أنا ليس لي مَنْ يكلّمني. أنا الكلّ يتحاشاني كما لو أنّني دودة لا إنسان! والآن، أمامي هذا الرجل "الغريب" الذي جاء يقول لي: "أتريد أن تبرأ؟".
بالله عليكم! هل سمعتُم ما سمعتُهُ؟ هل ترون ما أراه؟ الناس حولي كثيرون. مرضى من غير نوع، عميان وعرج ويابسو الأعضاء. كلّهم مشلوحون قرب هذه البركة التي يصلبنا حولها أنّ ملاكًا "كان ينزل أحيانًا فيها، ويحرّك الماء والذي كان ينزل، أوّلاً، من بعد تحريك الماء، كان يبرأ من أيّ مرض اعتراه". ألا يرى هذا الرجل أحدًا سواي؟ هل، فعلاً، يقصدني أنا بكلامه؟ سمعتُهُ جيّدًا. يكلّمني أنا، أنا وحدي! جاء مَنْ يكلّمني! على أنّ أذنيَّ، كما جسمي كلّه، قد يبستا من شوقهما إلى أن يكلّمني أحد، سمعتُهُ. وماذا قال لي؟ قال ما يريده سواي قَبْلي، وما أريده قَبْلَ سواي. كلّ الناس، هنا، يريدون أن يبرأوا. هل سأل أحدًا قَبْلي، وسخر بسؤاله؟! فسؤاله لا يُسأل! هل مرّ بالكلّ، وأتعبه أنّ أحدًا لم يعره اهتمامه؟ هل شعر بأنّهم يعتبرونه يعرقل انتباههم، ولا يريدون أحدًا أن يلهيهم عن انتظار العجب؟ وجاء دوري! لا يمكن أن يكون قد مرّ بالكلّ. هذا أمر يستحيل أن يتمّمه شخص واحد وحده! أساسًا، لم أره، من قَبْلُ، هنا؟ لو رأيتُهُ، لقلتُ إنّه موجود، ليطرح سؤالاً لا يُسأل، ولكنتُ قد فهمتُ أنّ رفضهم إيّاه هو الذي قاده إليَّ. هل أرسله أحد، ليلهيني؟ وممّا يلهيني؟ فأنا لا أقدر على أن أتحرّك قيد أنملة. حتّى الذين أشفقوا عليّ وقادوني إلى هذا المكان، لم يرجع أحدهم إليَّ مرّةً. لا، لا يمكن أن يكون أحد قد أرسله، ليلهيني! فوجوده وعدم وجوده، لولا أنّه طرح عليَّ سؤاله، لقلتُ: إنّهما الأمر ذاته! بماذا أردّ عليه؟ هل أستعطفه مثلاً، لربّما يفعل معي ما لم يفعله آخر؟ ما هي خسارتي؟ سأستعطفه: "يا سيّد، ليس لي إنسان، متّى حرّك الماء، يلقيني في البركة، بل بينما أكون آتيًا، ينزل قَبْلي آخر". هل سمعتُم ما قلتُهُ؟ هيّا، الآن، لنرى كيف سيتعامل معي!
قال يسوع: "قم احمل سريرك، وامش"!
ما هذا الذي يجري في جسدي؟ ما سرّ هذه الكلمات التي تغلّلت فيَّ؟ أشعر بأنّني قادر على الحَرَاك. لا، بل بأنّني صبيّ قادر على أن يطفر. عمري! ما لي ولعمري! أنا جديد. هذا ما أنا عليه الآن. رجلاي، يداي. أشعر بأنّني أتمتّع بقوّة الأسد. هل ترونني أمشي؟ ولستُ أمشي فقط، بل أحمل سريري معي!
هل تسمعون ما أسمعه؟ مذ أخذتُ أمشي، أخذ الناس يكلّمونني؟! ولكن، ما هذه الكلمات التي أسمعها: "اليوم يوم سبت، ولا يحلّ لك أن تحمل سريرك، وتمشي"؟ آه، اليوم سبت! لا أذكر. ويبدو أنّهم لا يذكرون أنّني لا أذكر. لا يذكرون، وربّما لا يذكرونني. أنا أيّامي كانت واحدة. أنا رجل، منذ سنين طويلة، لم تمرّ عليَّ الأيّام كما تمرّ على معظم الناس. أنا رجل نسيني الزمان قرب بركة. ويقولون لي: اليوم سبت! أيًّا كان اليوم، عاد لا يهمّني. ما يهمّني أنّني أشعر بأنّني قد ولدتُ الآن؟ هل أخبرهم بشعوري؟ لا، يبدو أنّهم يتحدّونني! وسأردّ التحدّي بتحدٍّ آخر: "إنّ الذي أبرأني هو قال لي احمل سريرك وامشي". هل سمعتُم ما قلتُهُ؟ يبدو أنّني أفضّل رجلاً كلّمني وأبرأني على شريعةِ سبتٍ لم تنفعني! هل تسمعون؟ يبدو أنّني غدوتُ بليغًا! يبدو أنّني شفيتُ كلّيًّا! ولكن، لِمَ بنو جلدتي لا يريدون شفائي؟ أيكرهونني؟ الآن، كانوا لا يرونني. لِمَ، مذ رأوني أمشي، أخذهم أن يعادوني؟ هل للرجل الذي أبرأني علاقة بذلك؟ هل يكرهونه، ويكرهون كلّ مَنْ يعرفهم؟ قلتُ ما قلتُهُ، ولن أتراجع عمّا قلتُهُ. فالرجل أفضل عليَّ. ولا يليق بي أن أنكر فضله.
"مَنْ هو الإنسان الذي قال لك احمل سريرك وامش؟". يا إلهي، مَنْ هو فعلاً؟! كلّ ما أعرفه عنه أنّه كلّمني وأبرأني، ثمّ اعتزل. كان في الموضع جمع، وغاب، كما أتى، فجأةً. الرجل، الذي أبرأني، هو كلماته التي فعلت فيَّ فعلها! لا أعرف شيئًا آخر عنه. ما أعرفه، قلتُهُ. ولكنّ ما فكّرتُ فيه صحيحًا يبدو. يريدونه هو. يكرهونه هو. هل يرونه خالف شريعتهم؟ لِمَ لا ينظرون إلى أنّني بتُّ صحيحًا؟ هل يكرهون حتّى أثره؟! هل حوّلهم الكره إلى فاقدي البصر؟ يبدو أنّ ثمّة مرضى كثيرين بعيدًا من البركة أيضًا!
بعد أن تركوني وحدي، "طلبتُهُ ما وجدتُهُ". لكنّه هو مَنْ "وجدني". كانت هذه علامةً أكّدت لي معنى لقائه الأوّل بي. فالرجل، فعلاً، كان يبحث عنّي، خصوصًا عنّي. ولفحني منه حبّ دفعني إلى أن أنتظر إنّما قرب فمه! أنا كان شأني أن أنتظر! وبات فمه بركتي! هذه المرّة، كنتُ في الهيكل. و"وجدني" هناك. وعاد إلى الكلام معي. بتُّ، بنعمته وكرمه، صحيحًا معافى. وأرادني أن أبقى صحيحًا معافى. هل سمعتُم ما قاله لي؟ لقد ذكّرني بأنّني قد شفيتُ، وأوصاني بأن أبتعد عن شرّ الخطيئة. لم أسأله كيف أبتعد عن الشرّ. فهمتُ من كلامه أنّ عليَّ أن أحافظ على عطر لقائه الأوّل بي! وهل يمكن أن أنسى؟ إن خانتني ذاكرتي، فستردّني رجلاي ويداي ولساني وكلّ ما ينبض فيّ. هذه جدّة مجّانيّة لا أستحقّها. ولكنّه جعلني!
الآن، بتُّ قادرًا على أن أعدو، وأفعل ما أريد. وسأذهب إلى هؤلاء الذين سألوني، لأخبرهم بأنّ "يسوع هو الذي أبرأني". اتبعوني، تسمعوا! وأترك لكم أن تخبروا العالم بأنّ الربّ الحيّ قد أقامني!