ترك بلده بعد أن يئس من إيجاد عمل له. وذهب إلى بلد بعيد يلتمس الخبز. واختار هناك أن يعمل في مؤسّسة كبيرة كان قد راسلها، واتّفق معها قبل سفره.
كان يعمل طيلة أيّام الأسبوع. وفي نهايته، كان يحجّ إلى كنيسة أرثوذكسيّة قريبة من منزله ليصلّي، ويلتحق بمجموعة شباب كانوا يلتفّون حول كلمة الله.
ما كانت خبرة هؤلاء الشباب كبيرة، ولكنّه كان يحسّ أنّهم محبّون وصادقون، وأنّ بعضهم يشاركه في الشوق وحلم الرجوع إلى بلده.
هو، كانت الكلمة قد صقلته كثيرًا، وتمرّس بها وبنقلها في بلاده. وشعر أترابه الجدد بأنّه نعمة هبطت عليهم من السماء.
في سرّه، كان يتعبه البعد. ولكنّ تعزيته كانت صلوات الكنيسة "الجديدة"، وهذه اللقاءات التي أعطاه الله أن يشارك فيها، ويساهم في تفعيلها. ورغم هذا كلّه بقي يشعر بأنّه وحيد. وكان يتلقّط كلّ فرصة، ليراسل بعض مؤسّسات، في بلاده، لربّما ينجح بإيجاد عمل، ويعود إلى أهله وشعبه. وطال انتظاره. ولكنّ الله كان له معه قصد آخر. كان يريده أن يراسله هو ليحظى بنصيبه في الخدمة التي أعدّه لها.
ثمّ فهم. وعاد إلى بلده ليركب ركب الذين يجاهدون في خدمة شعب الله، ويحاول أن يمسح البكاء عن عيون حزينة، ويقدّم لنفوس جائعة خبز المعرفة.