صديقي عليّ يعمل في المنطقة التي أعيش فيها. أراه مرّةً في الأسبوع، على الأقلّ. باختصار، إنّه رجل فرح. كلّما رأيتَهُ وحدّثتَهُ، يستدعيك إلى أن تخلع عنك همومك، وتتبعه في فرحه. أعرف سرّه. سرّه بسيط. سرّه أنّه يحيا في دوام الشكر لله. عندما أخبرني عمّا يتقاضاه شهريًّا من عمله، صدمني. "كيف يمكنك أن تعيش أنت وزوجتك وأولادك في ظلّ هذا الغلاء الفاجر؟". هناك أناس لا يُتعبونك بذكر أوجاع تعرفها. أجابني: "أساعد أهلي أيضًا. الله يعظّم عليَّ خيرَهُ". الرضا بطولة. لا أدور على الظلم الذي صار جزءًا من ثقافتنا في بلدنا! هل يقوم وطن يهمل فقراءه؟ مرّةً، حدّثني عليّ عن أمرٍ زادني فرحًا به. قال: "شيئان لا يمكنني أن أتنازل عنهما. علمُ أولادي والطعامُ الذي تعدّه زوجتي". قالها بابتسامةٍ خطفتْ منّي ابتسامةً طويلة. عليّ وجه مجاهد من وجوه بلدنا. كلّما رأيتُهُ أو ذكرتُهُ، يقول لي إنّ الدنيا بخير.