الحياة انضباطات أبديّة.
نقلت إليَّ فتاةٌ غضبَها على الذين داروا يطلقون أبواق سيّاراتهم فرحًا بانتصار فريق رياضيّ على آخر في هذا المونديال الذي يرمينا صغارًا أمام شاشات كبيرة. كانت تريد أن يشخص لبنان كلّه إلى إخوة وقعوا ضحيّة انفجار غادر. إنّه وعي البالغين. إن سألتَ اللبنانيّين الذين عانوا الأمرّين في حرب تبدو لا تريد أن تنتهي: "أنّى لكم أن تخرجوا من تحت أيّ ركام؟"، لأجابوك توًّا: "إنّنا شعب يحبّ الحياة". جواب بليغ، إنّما ينقصه، في أحيان كثيرة، علم أنّ محبّة الحياة تفترض، دائمًا، أن تحبّ أن يحيا سواك!
هل أدعو إلى ارتداء السواد في الأرض؟ إن أُعطيت أن أدعو إلى شيء، فأختار أن أذكّر بأنّنا بشر، إن صمتت أحاسيسنا عمّا يصيب سوانا، لا نكون أحياء فعلاً! لن أقول إنّ كلاًّ منّا، في هذا العالم العربيّ، معرّض لأن تسقط عليه شرور لا يتمنّاها، بل لا نكون أناسًا حقيقيّين إن لم ننضبط في شركة واحدة، لا سيّما مع الذين تجمعنا بهم أمداء واحدة. هذا يقول إنّ لنا رغبةً في أن نكتب حاضرنا بحبر أبديّ.