في قيام الدول، سجّل العرب في لغتهم أنّ أيّ دولة، يحكمها الاستبداد، لا بدّ من أن تزول. هل استندوا إلى واقع معروف؟ فعل: دال يدول، دولاً ودولةً، الذي يأتي بمعنى دَارَ، اِنْقَلَبَ، اِنْتَقَلَ مِنْ حَالٍ إلَى حَال، وزال (إذا ذكرنا الاستبداد)، يبيّن أنّ اللفظ جاء يخدم المعنى. هذا، مسيحيًّا، يجب أن نضيف إليه أنّ للسماء ما تقوله من كلمات تنتظر أن تتحقّق. والكلمة المناسبة، الآن، أن ليست هذه الدولة أو تلك إلى زوال، بل العالم كلّه إلى زوال.
إن أطللنا من هذه الكلمة على ما يجري لا سيّما في العراق، فيجب القول إنّ مسيحيّي الموصل، الذين تستبدّ بهم اليوم "دولة" تنتظر زوالها، إن اجتمع ظلم الكون عليهم، لا يمكن أن تُسلب منهم الحرّيّة التي لهم في المسيح يسوع. فأهل الموصل درّبتهم كلمة الله على أنّ هذا العالم كلّه إلى زوال. هذا، إلى أسفهم على مصير المستبدّين والذين يؤيّدونهم عن قناعة أو عن خوف، لن يجعلهم يحافظون على حرّيّتهم فقط، بل سيُكسبهم، أيضًا، بدلاً من وجوههم المجروحة، وجهًا أبديًّا، ويُكشف للعالم بهم أنّهم أبقى من هذا العالم.