عرفوه قبل أن ران الموت به. كان فقيرًا، ولكنّه ما كان يطلب من أحد شيئًا. كان يأتيه بعض مساعدات من ابن وحيد له يعمل في خارج البلاد. وكانوا هم منغمسين في عمل الخير. همّهم الأوّل نشر كلمة الحياة وعضد فقراء الرعيّة. وهذان كانا يتطلّبان مالاً كثيرًا لا يقدرون هم وحدهم عليه.
كان كاهنهم يساعدهم، ويطلب، بين الحين والآخر، من أبناء رعيّته أن يعضدوا عملهم بتقدمات كريمة. وكان هو يسمع كلّ نداء، ويعرف أنّهم يتحرّكون باتّجاه هذا وذاك من دون أن يقتربوا منه. وكان هذا الأمر يزعجه في سرّه.
دعا، مرّةً، شابًّا منهم، ولامه على أنّهم لا يأتون إليه، ولا يطلبون منه شيئًا. ردّ هذا الشابّ اللوم بقوله له: تكفينا صلاتك. ثمّ أضاف: العمل، في الكنيسة، يفترض الوجهين معًا، أي أن يدعمه بعض المؤمنين بمالهم، ويدعمه آخرون بدعائهم. أنت صلِّ لنا. فأجابه: ألا يمكن أن يدعم الواحد بالطريقتين!
أخجل هذا الكلام الشابّ. فدسّ الرجل يده في جيبه، وأخرج ظرفًا كان قد وضع فيه مبلغًا من المال. وقال له: وزّعوا هذا كما أنتم تعرفون. حاول الشابّ رفض المال وتكرار ما قاله آنفًا لمعطيه. فردّ الرجل على المحاولة: لا يمكنك أن ترفض مالاً يحتاج إليه أحبّاء الله. أنت خذه، وصلّوا لي!