الأب إيليّا متري | Father Elia Mitri

صدّ مفهوم

لماذا تصدّني؟
هل أنت تغويني بصدّك؟
لي معك جلسات طويلة. أظنّك تغويني.
أنت تعملها بوفرة. أنا تتبّعت آثارك في التاريخ. وقرأتها بنهم. سأذكّرك بواحدة من مآثرك.

مرّةً، قصدَتك زانية محترفة من مصر، مريم! هذه ركبت سفينة، في البحر، لتنتقل من بلادها إلى فلسطين، بلادك. لم تقصد السجود، لصليبك المحيي، كما شأن الحجّاج يومها. قصدت الاستجمام والتمتّع بغواية الناس وتأكيد هلاكهم. أغوت كثيرين، ليدفعوا عنها كلفة الرحلة. كثيرون، ممّن قرأوا سيرتها، ظنّوا أنّ السفينة، التي ركبتها، ستغرق. لكنّها لم تغرق. يا للعجب! أنت لم تغرق السفينة التي ركبها يونان، قديمًا، هربًا من وجهك. رماه ركّابها في البحر. وأعددت أنت له حوتًا، ليوصله إلى بَرِّكَ. وأنت لم تغرق سفينة مريم. ولم يرمها أحد في البحر. ولم تُتعب أنت نفسك بأمر حوت آخر، ليفعل ما فعله مع يونان. هي وصلت آمنةً إلى المكان الذي ادّعت أنّها تقصده، كنيسة القيامة! وهناك، لم تستطع أن تدخل.

صددتها!

لماذا صددتها هي وحدها؟ أتريد أن تقنعني بأنّ جميع الذين دخلوا، غيرها، يستحقّون الدخول! أنا لا أدين أحدًا. ولا أنتقدك. حاشا.
صددتها وحدها. يعني أنّها تعنيك كثيرًا. لا يمكن أن يعني ما فعلتَهُ أمرًا آخر.

هل أنا أعنيك؟

أردتَ، بعملك، أن تقول لها إنّها مختلفة، تعنيك. لا شيء غير هذا يقنعني.
أوقفتها بـ"ساعدك القويّ". فارتعدت. وتذكّرت. وبكت. ووعدت. وصدقت.
ها أنا أبكي. إن كانت الدموع تفتح أبوابك الموصدة، فها أنا أبكي.

ماذا تريد منّي؟ قلْ لي.

أيقونة والدتك، تقول السيرة، كلّمتها. قالت لها ما تريده أنت منها.

ماذا تريد منّي؟

أن أذهب إلى برّيّة الأردن؟
لقد جعلتُ قلبي برّيّة لك. برّيّة حوّلتها مياهك إلى جنان. انظر أشجاري، وورودي. انظر الطيور التي تزقزق فيّ. انظر، هل ثمّة برّيّة أخرى تعنيك؟

تعلّمت عليك أنّ الأمكنة لا تعنيك. يعنيك القلب. قلتَ أن نعطيك قلوبنا، أن نجعلها "فوق".

تعال إلى قلبي. يكفيني صدّك. فهمتك.

شارك!
Exit mobile version