لم يكن يخطر بباله قطّ أن يذهب إلى الكنيسة، أو اجتماعاتها. فقد كان يحيا حياته باطلاً، ويزرع دروبه بالشوك.
دعاه، يومًا، أحد معارفه إلى اجتماع تعقده، في قاعة كنيسة الرعيّة، فرقة من فرق الشباب الذين فتنتهم نهضة المسيح، وحدّد له اليوم والساعة. فضحك، في سرّه، من هذه الدعوة، ولم يلبّها. ولكنّه لمّا التقى به الشابّ الأوّل نفسه مرّة ثانية، وقال له: "وعدتُ أعضاء الفرقة بك، وانتظرناك جميعًا، ولكنّك لم تأت"، خجل! وضاعت منه كلمات الاعتذار. ثمّ لملم نفسه، وبرّر تخلّفه بشغل مفاجئ، ووعده مجدّدًا بأن يأتي إلى الاجتماع المقبل. وصدق عن غير اقتناع!
ذهب إلى الموعد في الوقت المحدّد. هو كان مبعثرًا في أمور كثيرة، ولكنّه كان يعنيه جدًّا احترام المواعيد.
دخل الغرفة حيث يعقد الاجتماع، وجلس إلى شباب وصبايا كان يرى بعضهم في طرقات الحيّ الذي كان يقطنه. وبعد أن تعارفوا جميعًا، دار الكلام نحو الساعة والنصف. كان كلّ ما سمعه جديدًا عليه. وأحسّ، في قلبه، بأنّ الله يخاطبه هو وحده. كلّ ما سمعه كان موجّهًا إليه، ويخصّه. وهذا جعله يضطرب اضطرابًا شديدًا. وبدا اضطرابه على وجهه. غير أنّ أحدًا من الموجودين لم يسأله شيئًا.
بعد انتهاء الاجتماع، خرج إلى نفسه. وبقيت الكلمات الجديدة، التي انهمرت عليه، تقرع باب قلبه، وتطلب ودّه. لم يستطع، في تلك الليلة، أن ينام. كان قد علق بشباك المسيح.