كانت قبلاً امرأة عاديّة تعيش مع زوجها وأولادها. وكان يستحلي أقرباؤها وأصدقاؤها جلساتها وأحاديثها الحلوة، ويتأثّرون في ما تقوله وتفعله.
باستثناء العيدين الصغير والكبير، كانت لا تشارك في صلوات الكنيسة، ولا تعير لقاءاتها ونشاطاتها أيّ أهمّيّة. إلى أن دعتها، يومًا، إحدى صديقاتها إلى اجتماع تعقده فرقة من فرق السيّدات في الرعيّة. فقلب هذا الاجتماع حياتها رأسًا على عقب.
هي كانت تسمع أنّ سيّدات كثيرات يلتقين معًا هنا وثمّة. وكانت تظنّ أنّ جوهر هذه اللقاءات ثرثرة وتسلية وإقامة أنشطة.
ما كانت تحسب أنّ نساء بعضهنّ فقيرات وأخريات مترفات يجتمعن معًا بلا كلفة أو تعقيد، وأنّهنّ يفرّغن وقتًا أسبوعيًّا ليتدارسن كلمة الله وتعاليم الكنيسة الجامعة. وما كانت أيضًا قادرة على أن تفهم أنّ الكلمة الإلهيّة قادرة على أن تقرّب الناس بعضهم إلى بعض بالقدر الذي خبرته.
سحرتها الكلمة وعمقها وفعلها، وجرحتها في الصميم. وليس لجرح الكلمة من شفاء! وصارت هذه الجلسات الأسبوعيّة محور حياتها. وصالحت الكنيسة أمّها، وغدت نشيطة وداعية. وصارت مأخوذة. وتغيّرت مفردات كلامها.
صار معارفها، إذا اشتاقوا إليها وإلى جلساتها، وقصدوا زيارتها، أو زارتهم هي، يعرفون مسبقًا نوع الحديث الذي ستجريه معهم. فهي هجرت العتاقة إلى غير رجعة. وما يعتبره الناس حلوًا صارت هي تراه تفهًا. الحلو، عندها، صار أن تردّد، بحماسة كبيرة، كلّ ما تتعلّمه في هذا الاجتماع الذي غدا لها ملجأ ومنبعًا.
بعض أهل بيتها ومعارفها واكبوا اهتداءها، وتأثّروا فيها وفي براعة حبّها ونقله. وأمّا هي فكانت، في سرّها، تتحسّر على الأيّام التي أضاعتها سُدى.