لم تكن الساعة ساعة راحة.
كنتُ أشعر بإرهاق شديد. فدخلتُ غرفتي، وقصدي أن أستريح قليلاً. وما إن رميتُ نفسي على سريري، حتّى سمعتُ طرقًا مُلِحًّا على باب منزلي.
أزعجني مَنْ أمرني بأن أقوم! وقلتُ في نفسي: "مَنْ هو هذا الزائر المزعج؟".
نفّذتُ الأمر. وقصدتُ الباب، وفتحتُهُ.
كان زائري شخصًا تفرحني زيارتُهُ. كان صديقًا يحيا في الخارج. وأراد أن يفاجئني بمجيئه!
أخذتُهُ بين ذراعيَّ بقوّة. وقبّلتُهُ. وقبّلني.
دخلْنا، وقعد أمامي.
كانت عيناي إلى وجهه. وأخذتني أخبارُهُ.
قضينا نحو الساعة نتناقل الأحاديث. قال لي ما يمكنه قوله. وقلتُ له ما يمكنني قوله.
ثمّ قام، وودّعني.
سألتُهُ أن يبقى بعدُ.
سألتُهُ أن يبقى على العشاء.
بَيَّنَ عذرَهُ. وتركني على رجاء لقاء قريب.
بعد خروجه توًّا، فكّرتُ في حالي الأوّل، في حالي قَبْلَ أن أفتح الباب، في حال انزعاجي. وقلتُ في نفسي: "كيف كنتُ سأكون، يا ترى، لو كان مَنْ زارني شخصًا آخر، شخصًا لا أعرفه مثلاً، شخصًا أتاني من غير موعد؟".
ثمّ ساقني فكري إلى ما قاله يسوع عن وقوفه على الباب يقرع، لنفتح له، ويدخل علينا، ويتعشّى معنا، ونتعشّى معه (رؤيا يوحنّا 3: 20).
لماذا اختار الربّ هذا المثل؟
لماذا فكّرتُ فيه الآن؟
في العادة، لا يذكّرني قرعُ الباب بانتظار الربّ.
هل أراد الربُّ، في قوله، أن يعلّمنا أن نستقبل جميع الناس على أنّهم هو (عبرانيّين 13: 2)؟
هل أرادنا، على إيقاع كلّ دقّة باب، أن نستعدّ لمجيئه الأخير؟
هل يأتي الربّ بهذه البساطة؟
أسئلةٌ مرّتْ ببالي بسرعة.
لم أرجع إلى سريري.
كنتُ أريد أن يقرع أحدٌ بابي من جديد، أيُّ أحد!
جميع الحقوق محفوظة، 2023