قالت في لقاء جمع بعض خادمات مسيحيّات من بلاد بعيدة، نظّمه بعض النهضويّين في الكنيسة: لماذا يعاملنا اللبنانيّون وكأنّنا كلاب مشرّدة؟ لماذا يضعون علينا نيرًا لا نطيق حمله؟
وقع هذا الكلام على سامعيه كالصاعقة. وقبل أن يحاول أحدٌ من منظّمي اللقاء أن يردّ عليه، ويبرّد لهيب قلب هذه الفتاة التي تكلّمت من جرح، وقفت خادمة من أترابها، وخاطبت المتكلّمة أوّلاً قائلة: لا تتكلّمي هكذا بإطلاق، فالناس ليسوا جميعهم على الخلق ذاته. وتذكّري بأنّ ثمّة فتيات كثيرات منّا مسؤولات عمّا يصيبهنّ من خير أو من شرّ. فإنّنا كثيرًا ما نهمل الخدمة الصحيحة، ونسيء إلى أخلاقنا ومبادئنا المسيحيّة التي تعلّمناها على كنيستنا وأهلنا. نحن خادمات، ونعمل في بيوت معظم أهلها طيّبون، وطاعتهم حقّ علينا. فإنّنا لو كنّا كلّنا نحسن الخدمة، فعلاً، للقينا أجرًا صالحًا ومعاملة حسنة.
أذهل هذا الكلام الجريء المجتمعين طرًّا. ولكنّهم أحسّوا بأنّ جرح الخادمة الأولى يبقى جرحًا مفتوحًا، وذلك إن لم يتعلّم بعض الذين يستقدمون بنات العالم لخدمتهم، أنّ كلّ إنسان هو أخونا في الربّ، أو في الإنسانيّة. أي إن لم يبطلوا كبرياءهم الجارحة التي تجعلهم يعتقدون، كما مجتمعنا الموبوء، أنّهم أوفر قيمة أو كرامة من غيرهم، ولا سيّما الذين يخدمون في البيوت.