هي شيخة يهمّها الله قبل كلّ إنسان. وهذا ما اعتنت بأن تنقله إلى أولادها وأحفادها، وإلى كلّ من وضعه الله على طريقها.
محبّتها للربّ كانت ثابتة. فهو، وحده، من كان يأخذ فؤادها، ويشغل حياتها. وهذا كانت تقوله في كلّ صبيحة أحد، إذ كانت تتوكّأ على عكّازها، وتدخل الكنيسة، وتقعد في المكان الذي ينتظرها، وتنتظر دورها لتقترب من "كأس خلاصها".
لم يكن يمنعها من المشاركة في الخدمة أيّ عائق، وهي "المتمرّسة بالأوجاع". فما دامت في بيتها، وخارج المستشفى، طريقها الوحيد، في كلّ أحد وعيد، كنيسة رعيّتها. وهذا ما همّت بأن تفعله في آخر أحد كان لها على هذه الأرض. استيقظت باكرًا بعد أن هيّأت، في المساء، أولادها وأحفادها الذين استضافتهم ليذهبوا معها صباحًا إلى الله الذي يدعو شعبه، ويلاقيهم، ليقذف فيهم حبّه، ويسودهم به. ولكن ما كان غير منتظر أنّها سقطت على الأرض، فيما كانت ترتّب نفسها.
حملها ذووها إلى المستشفى غائبة عن الوعي. وبعد مرور ساعتين تقريبًا، كان الطبيب يطمئنهم: إنّها واعية، وبخير، وتنتظركم.
دخل أولادها عليها، فسألتهم كم الساعة الآن؟ أجابوا: الحادية عشرة والنصف. قالت لهم: إذًا، ذهبتم إلى الكنيسة!
ثمّ غابت من جديد، لتستيقظ في ملكوت الأمانة حيث "النهار" الدائم ويوم الأحد المستمرّ.