كانت أمًّا. وكانت تصرف حياتها في خدمة أهل بيتها. وما كان لها اهتمام آخر. البيت والأولاد وإطعامهم وإلباسهم وتعليمهم وصحّتهم، هي اهتماماتها الوحيدة. وكبر الأولاد، وخرج كلّ واحد منهم إلى حياته. وأحسّت بفراغ كبير، ملأه اكتشاف جديد: حبّ الله.
هي كانت مؤمنة، ولكنّها، ككثيرين من أترابها، غرقت في القول الذي سرّبه الانحراف: "أنا مؤمنة، ولكنّي غير ممارسة"، وكانت تردّده بفخر! لم تخطر ببالها جسامة هذا الخطأ، قبل أن تجد نفسها في معيّة الله وشعبه. فصارت لها كنيستها اهتمامها الجديد.
لم تنسَ أنّها أمّ. ولكن دخلت حياتها مفاهيم جديدة، واحتلّتها. وصار همّها ألاّ يقع أولادها في خطئها القديم.
تألّمت كثيرًا. إذ إنّها فهمت، متأخّرة، أنّ ما كان عليها أن تعتني به يتطلّب عمرها، أي أنّ الأمومة لا تكمل ما لم تقد أولادها إلى الله أبيهم الحقيقيّ، ليحبّوه، ويخلصوا له. فقرّرت ألاّ تترك هذه الدنيا قبل أن تنقل إليهم اكتشافها الجديد.