لفتني في مقال قرأتُهُ لكاتب أرثوذكسيّ من الكنيسة الروسيّة (غاب عنّي اسمه الآن) قوله عن صوم السيّدة إنّنا نتهيّأ للعيد، لعيد الرقاد، بتشديد حبّنا للعذراء. العبارة يمكن أن تكون لكم ولي مألوفة، أي يبدو قولي إنّها لافتة مبالغ فيه قليلاً. الحقيقة أنّني جمعتُ بين العبارة وبين بعضٍ من واقعنا. فتحتُ لها أن تدخل على ما نعلمه أو نُظهر أنّنا نعلمه. هل نحن نحبّ العذراء فعلاً؟ هل نفهم فعلاً ما فعلته من أجل خلاصنا؟
لا أعلم إن كان صاحب المقال يتحدّانا بكلامه على حبّنا للعذراء. هل كان يقول إنّنا ندّعي أنّنا نحبّها؟ لكنّني حاولتُ أن أتبع العبارة. سألتُ بعض أصدقائي الكهنة في جوار أحيا فيه عمّا ألمسه في محيط أخدمه. الناس، الإخوة المؤمنون، معظمهم شطبوا هذا الصوم من ممارستهم. الصلاة إلى العيد، هنا وهناك، لا يأتي إليها سوى قليلين. كيف لنا أن نحبّ يسوع وأمّه إن لم نتبع ما نقوله في كنيستنا؟ نبدو أنّنا نحبّ أنفسنا أكثر!
لا أتقصّد في هذه السطور أحدًا محدّدًا. أتكلّم عمومًا على جوار أعرفه من دون حصر أو استثناء. الذي يخيفني أن ينطبق ما أقوله على واقعنا البعيد، هنا وهناك. هل كدنا نفقد ما قالته الكنيسة، على مدى أجيالها، عن العذراء؟ بحزنٍ أكتب لكم.
من صفات العذراء في الصلاة أنّها معينة، معينة في الشدائد، في الأمراض وفي الضيقات والحروب… لا أعرف فعلاً بمَن نستعين في هذا الزمان الذي لم يمرّ علينا زمان صعب مثله. ضيقنا عظيم. بلادنا، مصيرها ومصيرنا فيها، أرجوحة في يد أقوياء العالم وأباليسه. أولادنا معظمهم هجرونا. أموال الناس مسلوبة في البلد. لا دواء. لا ماء. لا كهرباء. تهديدات بالحرب تتعاظم في كلّ يوم… إلى مَن نلتجئ؟ بمَن نستعين؟
هناك شيئان ينتظر واقع الحبّ، حبّنا للعذراء، أن نتعلّمهما على مريم اليوم بسرعة. هي الإعانة أوّلاً. من صميم إيماننا أن نعتقد بهذه الشركة بين السماء والأرض، بين الله والعذراء والقدّيسين وبيننا. "السماء" أو العذراء لرجاء عالم أفضل، لإعانتنا ولنتعلّم عليها أن نكون مثلها في هذا الزمان الحرج، أي أن نستعين بها ونعين مثلها الناس الذين نحيا معهم، الخائفين في هذا المدى، والمتروكين إلى الموت في غير وجه. ثمّ أن نتعلّم منها الاستشفاع إلى ابنها الوحيد، القائمة هي والقدّيسون جميعًا من أجل أن يقودونا إليه، أن يحفظ هذا العالم، ويبعد عنّا كلّ شرّ.
أغلى ما في العيد أن نتوب إليه.