خالف نفسه وقناعته، و"خرج إلى الليل".
كان قبلاً "واقفًا" يلتهب حبًّا بالله وبكنيسته. ولكنّ العالم أغواه، فسقط. عاد لا يهتمّ لله وبرضاه. وبقي على هذه الحال مدّة طويلة قبل أن يرعوي.
في غيابه، لم يتركه أترابه. هو صار لا يحبّ وجودهم. كان يدينه!
هم ما كانوا يقصدون أن يصيبوه بأذى إذا رأوه، أو زاروه وكلّموه. ولكنّ ضميره كان يوبّخه. وكان يخجله أن يأتوه.
كان يعرف أنّهم لا يستسلمون أبدًا. فإذا ضاقت بهم سبل إقناعه، سيرفعون الأدعية من أجله حارّة. وهذا أيضًا كان يتعبه.
أراد، يومًا، أن يبرّر هروبه، ففكّر في أنّهم متعالون ومراؤون. ولكنّه عاد ووبّخ نفسه على أفكاره. كان قد بقي فيه بعض نور.
ثمّ، من دون أن يعرف السبب، قام باكرًا، في صباح يوم أحد جديد، ودخل الكنيسة. كان ذلك اليوم، لأصدقائه، يوم عيد. ولكم حاولوا أن يخفوا دهشتهم وفرحهم، حتّى لا يشعر هو بأنّ وجوده عجبٌ، أو بأنّه قد هزم!
لم يقعد في المكان الذي افتقده، واشتاق إليه. ولكنّه قصد الهيكل توًّا، ليعترف لأبيه بخطايا ما كان يقدّر جسامتها قبل أن يقولها. وبعد أن باء بذنوبه، عاد إلى موقعه. ودخلوا جميعًا في غمام الله. وهناك فهم السبب. فهم أنّ الله لم يتركه في غيابه، وأنّه كان يفتقده بأدعية طاهرة، وزيارات كانت له، في حينه، زيارات مزعجة!