كانت الساعة تقارب السادسة مساءً. شاهدتُهُ يخرج من باب بيت في مدخل بناء كنتُ أزور فيه صديقةً غلبها مرض حقود. كان يحمل بيده صينيّةً عليها طبق طعام بدا أنّه يستعجل إلى أكله. سلّمتُ عليه. ردّ على السلام بمثله. لم يكن وجه الرجل جديدًا عليّ. أعرف أنّه يعمل في إدارة البناء الذي كنتُ فيه. لا يحتاج مشهد خروجه من البيت إلى تفسير. كان يحمل ما سيأكله بعد يوم صوم. مَن المعطي؟ لا أعرف، بل لا يهمّني أن أعرف. ليس للحبّ هويّة! خطف المشهد عينيَّ. هذا أثمن ما يفعله الناس في هذا الشهر الكريم، بل في غير يوم، أن نُشعر إنسانًا موجودًا أمامنا، غريبًا أو قريبًا، بكلمة طيّبة أو تصرّف مبرور، أنّنا نراه، أنّنا وإيّاه أولاد إله واحد. عندما خرجتُ من البناء، بدا لي أنّ النهار ما زال في أوّله. أين ذهب المساء؟! عجيب أمر الحبّ! مشهد منه يمدّ النهار، يجعل اليوم الواحد بطول يومَين!
جميع الحقوق محفوظة، 2025
Powered by Wiz Consults