لا أتكلّم الآن على العلاقة التي تربطني بهنّ، بل على ثقافتهنّ الحاضرة. تعلمون. الثقافة لا تشكّلها القدرة على القراءة والكتابة فقط، بل هي أيضًا عطايا وجهادات مقبولة. هذا شأن الزهرتَين الكبيرتَين. أمّا الصغيرة، فحضورها صريح أيضًا! أمامها، ممنوع عليك أن تتجاهل أنّها هي هنا، مثقَّفة أيضًا! من أين اكتسبتْ ثقافتَها؟ لا تقلْ من الغيرة، بل من قدرتها على التقاط ما يُقال وما لا يُقال. سألتُ الكبيرةَ مرّةً: "هل اطّلعتِ على رواية: الأمير الصغير (للكاتب أنطوان دو سانت إكزوبيري)؟". لم تجب الكبيرتان فقط: "نعم"، بل الصغيرة أيضًا! سألتُ الوسطى أن تخبرني قليلاً عن الرواية. قالت أشياءَ كرّرتِ الصغيرةُ بعضَها وراءها. لم تقلِ الصغيرةُ علنًا: "لا تتجاهلْ أنّني هنا". لكنّها هنا بفصاحةٍ واثقة. ميّ، ميرا وماريان، كلٌّ منهنّ تقول، في عالم اليوم، إنّ الخروف لا يمكنه أن يأكل الزهرة المثقّفة!
جميع الحقوق محفوظة، 2023