كلُّ أمٍّ حبّ. أحكي عن أمّ سويسريّة كانت جارتي في مقعد الطائرة التي أقلّتنا من جنيڤ إلى البلد البعيد. استمرّت هذه الرحلة نحو ثماني ساعات ونصف. كانت الأمّ تحمل ابنتها، ذات التسعة أشهر، بين يدَيها، بصبر وانتباه كاملَيْن. عيناها إليها دائمًا كما لو أنّها الملكة، ويداها منشغلتان في خدمتها، يدٌ جعلتها عرشًا لها، وأخرى التزمت رأسها تداعبه كما لو أنّها الحبيب. لم تكن وحدها أمًّا تحمل طفلاً. قمت. تحرّكتُ في الطائرة، ذهابًا وإيّابًا. رأيتُ أمّهاتٍ أُخرياتٍ (وآباء) من جنسيّات مختلفة يحملن أطفالهنّ، الملوك الأحبّة. لم أحدّث أمًّا منهنّ سوى جارتي. استنجدتُ معها ببعض فرنسيّة فيَّ باقية. أعنتُها، حيث وجدتُ مسموحًا، في خدمة الملكة. استقبلنا معًا حفيدتي الصغرى، مرّةً ومرّتَيْن. التقت الطفلتان أوّلاً بصمت ثمّ ببعض دهشة. من أعظم الهدايا التي قدّمها الله للعالم أنّه أعطى كلاًّ منّا أمًّا تحبّه.
جميع الحقوق محفوظة، 2025
Powered by Wiz Consults