السطور، التي وضعتُها عن مريم، قليلة. لا أتكلّم على أرقام لا يُقاس عليها السماويّون، بل على عجزي. مريم لا يَكتب عنها سوى الذين تهديهم هي من حبرها الثمين. كيف للتي رفعها ربّها فوق الملائكة أن تتنزّل على صفحات، كيف لها أن تسكن السطور، أن تصوّرها اللغة؟ هذه المزروعة في الصوم، المبسوطة في الصلاة، الحيّة في جهاد الفضيلة، التي تلجأ إليها البشريّة للمعونة وللتكريم…، كيف لتراب أن يناجي بسرها؟ السرّ سرّها! هي، في مطلع تلك الأيّام الجديدة التي انحنت فيها السماء على الأرض، قالت كلّ شيء. سرّ مريم، سرّ اكتشافها، سرّها كلّه قائم في كلمة استحقّت أن تطوّبها عليها الأجيال إلى الأبد. السرّ هو في تواضعها (لوقا ١: ٤٨). هل للبلاغة من طريق آخر؟
جميع الحقوق محفوظة، 2023