عندما أقرأ كتابًا اخترتُهُ لنفسي، تعلو رغبتي في الكتابة. مِن الذين يسلبونني هذه الرغبة، فيدور دوستويفسكي. قليلون مثله. كاتب لا يمكنك معه أن تفعل شيئًا آخر. يأخذك كلّك. لا يأخذك في أوان قراءتك إيّاه فقط، بل بعد أن تتركه أيضًا. ثمّة شيء صار جزءًا منك. هذا تثمين للكلمات الحيّة. في رواية دوستويفسكي "مذكّرات قبو"، يشجّع بطلُ الرواية صبيّةً، اسمها ليزا، على أن تترك وكر البغاء، وتخرج إلى الضوء. تسخر به علنًا بقولها له: "أنت تتحدّث مثل كتاب". هذا، الذي غاب عن ليزا أنّه من أعظم المدائح التي يتلقّاها إنسان، رجاء دوستويفسكي الباقي أن تعطينا القراءة أن نغدو كتبًا!
جميع الحقوق محفوظة، 2023