كلّما كلّمتني حفيدتي الكبرى، هي أو أخوها، من "البلد البعيد والبارد"، تطرح عليّ سؤالها المبلَّل: "اشتقتُ إليك كثيرًا. متى ستأتي إلى زيارتنا؟". البعد كاسر. منذ أن تركوا، نبتت عندي فجأةً حساسيّة من بعض الكلمات. صار صعبًا عليّ أن أسمع أحدًا يتكلّم على أحفاده، أو أن أسمع أحدًا من الأحفاد ينادي جدَّه. هي كلمة من بضعة حروف يمكنها أن تدفق نهرًا في وجهي. لا أحسد أحدًا! أتكلّم على أشواقي. هل سمح الله لي، من أجل حسن التعاضد، أن أختبر ما يعانيه أترابي الذين منعهم "وطنهم" من أن يتنعّموا بما جاد عليهم ربّهم به؟ لبنان، مثل معظم جيرانه، بلد الاختلاسات الكبرى. لا أتكلّم على أموال الناس التي أخفاها الكيد والفساد في بلدنا، بل عليها وعلى ما هو أصعب منها، على العواطف التي قرّر أولو الأمر في بلادنا أنّنا لا نستحقّها. ليلة أمس، كادت حفيدتي تخطف منّي وعدًا جديدًا بزيارتهم.
جميع الحقوق محفوظة، 2025
Powered by Wiz Consults