1يناير

فتًى في العاشرة

كان يمشي مقابلي على طريق أعتمدُها لرياضتي بين يوم وآخر. لم يكن يمارس نشاطًا بدنيًّا مثلي، بل كان يشحذ خطواته في اتّجاهٍ يعرفه. هذا أعطاني، مذ أطلّ عليّ، أن أتفحّصه كلّه من أعلى رأسه إلى أخمص قدمَيه. أترك ما رأيتُهُ لنفسي، وأكتفي فقط بالإشارة إلى الحذاء الذي كان ينتعله. كان هو فتًى في نحو العاشرة من عمره ينتعل حذاءً لرجل بعمر أبيه. لم يكن مشهد طفل، يرتدي شيئًا لأبيه، جديدًا عليّ. أعرف المشهد جيّدًا، من نفسي، من أولادي وأحفادي... ولكنّ ما أعرفه لا تستدعيه الحاجة، بل حبّ المداعبة، أي الرغبة في التسلية والضحك. لم يكن قصد الفتى، الذي كان يجرجر قدمَيه بانتباه وحذر، بانتعاله حذاءً للكبار، أن يلعب، بل أن يخرج من بيتهم مثل الناس الآخرين! طموح الفقراء أن يكونوا بشرًا عاديّين! متى نساعد أنفسنا كلّنا على أن نخرج من الغابة إلى المدينة؟ متى نتعلّم أن نرحم؟

شارك!

جميع الحقوق محفوظة، 2025
Powered by Wiz Consults
Skip to content