6أكتوبر

علّمني الحسّون

أعظم هديّة أعطاني إيّاها أبي هي البحر. هذه الكلمات قالها لأولاده على العشاء أحدُ أبطال فيلم "الحسّون" (The Goldfinch)، المأخوذ عن رواية الكاتبة الأميركيّة دونّا تارت. حملتني الكلمات إلى قصّة غرقي في البحر قبل خمس وخمسين سنة. كنتُ أجهل السباحة. أنقذني أبي. هذه القصّة غرّبتني طويلاً عن البحر. لا شيء بيننا. لا عاطفة. لا تدهشني رؤيته. لا يشجّع خيالي على السَفَر… في هذا النقاش المستهلك عمّا تفضّله في الصيف: الجبل أو البحر، كان خياري محسومًا دائمًا. كبرتُ على أنّ البحر هو ذلك الوحش الكبير الذي يفترس الصغير. أنقذني أبي من الوحش. لا يمكن أن يهديني أبي وحشًا. عندما تعلّمتُ السباحة في نحو الخمسين من عمري (لأسباب صحّيّة)، صرتُ أفهم معنى أنّ البحر هديّة. ولكنّي، قبل الحسّون، لم أفهم أنّه هديّة من أبي. علّمني الحسّون أن ما من إنسان يولد في العالم فقيرًا. هذا من كَرَمِ الله.

شارك!

جميع الحقوق محفوظة، 2023
Skip to content