يذكّرني الصوم بأمّي. تعلّمت أمّي على أبوَيها أن تصوم. لم أقل إنّها تعلّمت أن تصوم هذا الصوم الكبير فقط، بل أن تصوم الكبير والصغير أيضًا، وأيّ صوم آخر تطلب كنيستُنا أن نصوم فيه (أستثني "صوم الرسل" الذي عرفت به متأخّرة). الذين عرفوا أمّي يعرفون أنّها تركت دنيانا بعد أن تخطّت عقدها التاسع. في الالتزام، كانت في النهاية مثلها في البداءة. كانت أبدًا ما تربَّتْ عليه. عندما سقط جسدُها من المرض وصارت أيّامُها في شيخوختها كلُّها واحدة، صرنا نخبّئ عنها مواعيد الصوم. كانت تسأل عن الصوم الكبير مثلاً، بتكرار. ولكنّنا كنّا نقول لها أيّ شيء. أمّي كانت تفهم علم كنيستها في الممارسة، في الحياة. هي شيء من "تعالَ وانظر". كانت في حياتها تردّد على الملأ: "المؤمن لا يأتي من ذاته، بل ممّا ثبت في كنيسته جيلاً بعد جيل". هذه كانت فلسفتَها في كلّ شيء. دام الالتزام علمًا.
جميع الحقوق محفوظة، 2025
Powered by Wiz Consults