جمعتني بحفيدي الكبير صداقة كانت كبيرةً قبل سَفَرهم قبل ثلاث سنين. لم يدمّر السَفَر صداقتنا. ولكنّه جعل الصبيَّ يضع بيني وبينه مسافةً لم أحسن فكّ رموزها إلى اليوم. فكّرتُ في شيئَين، في أنّه يعتبرني مسؤولاً عن سَفَرهم، بمعنى أنّني، أبًا لأبيه، كنتُ قادرًا على منعه من السَفَر، ولكنّي لم أفعل. ثمّ فكّرتُ في أنّه، طفلاً، استسلم لحياة جديدة تختلف، قليلاً أو كثيرًا، عن ماضيه. عندما زارنا في صيف السنة المنقضية ثمّ في هذا الصيف، بدت المسافة جليّةً بيننا. مثلاً، رفض أن يخرج معي من دون رفقة شخص ثالث، جدّته أو أخته. واحد من أسباب سَفري إلى زيارتهم أن أسعى إلى فهم هذه المسافة وهدمها، إن أمكن. عاد طبيعيًّا معي، يأكل معي، يخرج، يلعب… قبل أسبوع من عودتنا، أخذ يردّد عليّ: "خذني معك إلى لبنان". لم يعطني السفر أن أفهم المسافة. لكنّه ساعدني على أن ألغيها. إلى متى ستبقى ملغاة؟!
جميع الحقوق محفوظة، 2025
Powered by Wiz Consults