لم تقبل أن تلبس "ثياب الحداد" على شقيقها الذي قضّى في ريعان الصبا. وكان الفتى، في حياته، تقيًّا يعمِرُ اللهَ بمحبّة كبيرة. فاجتمع حولها الأهل والأقارب، وغالطوها على فعلتها. بعضهم انتقدها، وبعضهم أنّبها بقوله: أتريدين أن يقول الناس عنك إنّك لا تهتمّين بموت أخيك.
غير أنّ الفتاة كانت قد استقرّت كلمة الله في قلبها، وآمنت بقيامة المسيح وبطلان الموت. وكانت تقول لمنتقديها ومؤنّبيها بلغة واثقة: إن لم يكن المسيح قد مات وقام، لكنت جاريتكم، ورضخت لطلباتكم. ولكنّ المسيح قام، ونحن نؤمن بأنّه قام وأهدى القيامة لجميع الناس. الموت غُلِبَ. المسيح غلبه بموته، وأنا واثقة بأنّه غلب موت أخي أيضًا.
بعضهم تعزّى بما قالته، وأوقف إصراره. وبعضهم قال: إنّ موت أخيها ذهب بعقلها. أمّا هي فكانت تقول: لست مجنونة، ولا أريد أن أبكي أرَجًا، ولا أن أحزن كما تريدونني أنتم، ولا كما أنتم تحزنون. قلبي وعقلي يؤكّدان أنّ أخي حيّ، لأنّ المسيح حيّ.
ثمّ عرفوا أنّها مزمعة على أن تخرج يوم الأحد، لتذهب إلى الكنيسة، وتشارك في الخدمة الإلهيّة، فجنّ جنونهم. واجتمعوا حولها من جديد، وقالوا لها: إنّك تفضحيننا بأفكارك وتصرّفاتك. لقد جعلتنا على كلّ لسان!
أمّا هي فردّت: الفضيحة أنّكم لا ترون ما أرى. إنّ أخي مجتمع مع كنيسة الأبكار، ولا تريدون موافاة المسيح الذي يضمّنا إلى من سبقونا، ويجمعنا، معه، معًا. وهكذا بقيت تنادي، وتصلّي، في سرّها وعلنًا، أن يبعد الله الغشاوة من عيون الناس ليروا ما ترى.