لا يفهم معنى "الجَدّة"، التي وصف محمود درويش بها شجرة الزيتون، سوى الذي تسكن الأرض في روايات أجداده. تحكي أشجار الزيتون قصصًا قديمةً عن "أهلي" الذين كانوا هنا، الذين زرعوها، وأخذوا قوتًا من ثمارها وما تحمله من معانٍ تفتح الإنسانيّة على فضائل باقية. أشجار الزيتون "تدرّب الجنود على نزع البنادق، وتمرّنهم على الحنين والتواضع…"، قال محمود درويش. لم يقصد الجنود جميعًا. الذي ذاق ذلَّ السجنِ والتعيير والطرد بعيدًا عن الأهل والأصدقاء والأرض وما فيها…، لا يستورد حبره، بل يحمله من واقعٍ يعرفه. يقول: "لكنّ هؤلاء الجنود، الجنود الجدد، يحاصرونها بالجرّافات، ويجتّثونها من سلالة الأرض". بلد بلا زيتون، بلد بلا تاريخ، بلا ذاكرة. هذه حرب أساسها ماض يفضح الحاضر. اسألوا "الجَدّة". هي، بما ترويه، تعلن في الأرض أنّ الذين زرعوها هم أهل البيت!
جميع الحقوق محفوظة، 2023