كان ينشد للكلمة. سأله سامعوه: "مَنْ تقصد؟". أجابهم: "الكلمة الذي صار جسدًا". ثمّ:
كان نبيّ اسمه يوحنّا يعمّد. أُرسل إليه كهنة ولاويّون، وسألوه: "مَنْ أنت؟". قال: "أنا صوت منادٍ في البرّيّة / قوّموا طريق الربّ". "لِمَ تعمّد؟"، سألوه أيضًا. قال إنّه يعمّد في الماء. وأضاف أنّ بينهم مَنْ لا يعرفونه. وفي اليوم التالي، رأى يوحنّا يسوع الكلمة المتجسّد آتيًا نحوه، فقال "هوذا حمل الله". ثمّ كرّر قوله على مسمع أندرواس وتلميذ له آخر. وأمرهما بأن يتبعا الحمل. وفعلا توًّا. أندرواس أتى بأخيه سمعان. ودعا يسوع فيلبّس الذي أتى بنتنائيل. هكذا تكوّنت مجموعتنا الأولى. كان اللقاء بكلٍّ منّا مميّزًا.
عدنا لا نتركه. اصطحبنا، أوّلاً، إلى عرس في قانا الجليل. وكانت أمّه هناك أيضًا. بدونا عائلته. في العرس، نفدت الخمر. لجأوا إليه. فحوّل ستّة أجران ماء إلى خمر. تساقط هذا العجب علينا أنّنا أن نكون معه، لهو أن نقبل أن يحوّلنا من ركاكة هذا العالم إلى براعته الإلهيّة. فآمنّا به. بعد العرس، قادنا إلى هيكل أورشليم. طرد الباعة منه. وقال علنًا: "لا تجعلوا بيت أبي بيت تجارة". طالبه اليهود بآية. فقال: "انقضوا هذا الهيكل، أقمه في ثلاثة أيّام". لم نفهم حينئذٍ. وأدركنا أنّ كلامه، ليُفهم كلّه، يفترض نعمةً منه.
بعد هذا، أتاه، ليلاً، فرّيسيّ اسمه نيقوديمس. حاوره يسوع. وألحّ عليه أن يعلم أنّ كلّ إنسان مدعوّ إلى أن ينتقل من المعرفة إلى الولادة الجديدة. لم يفهم أيضًا. فسأله: كيف؟ أجابه: بالماء والروح. وكشف أنّه مَنْ يحقّق، بروحه، ما يطلبه. ثمّ ذهب بنا إلى أرض اليهوديّة. وهناك، وصلت إلينا أخبار يوحنّا المعمدان. كان يوحنّا واعيًا أنّ ثمّة فرقًا شاسعًا بينه وبين يسوع. وهذا حفظناه كما لو أنّه يقول لنا: ابقوا معه.
ثمّ أخذ يسوع يشفي. شفى، أوّلاً، سامريّةً من خطاياها. وكشف لها نفسه. لم نكن معه. ولمّا أتينا، أذهلَنا أنّه يكلّمها. وزاد انذهالنا لمّا رأيناها تقود شعبها إليه. كانت هذه إشارةً لنا أن نأتي بالكون كلّه إليه. وهذا قاله لنا عندما سألناه أن يأكل. أجابنا أنّ طعامه أن يعمل مشيئة أبيه، أي هذا طعامنا أيضًا. وشفى، في كفرناحوم، ابن عامل للملك. أذهلنا أنّه شفاه من بعيد، بكلمة! ثمّ مقعدًا كان له ثمان وثلاثون سنةً قابعًا قرب بركة في أورشليم. لم يعبأ بالسبت. فشدّ سعي اليهود لقتله! كلّمهم على الله أبيه، وساوى نفسه به. وأطلق خطبةً أوضح فيها أنّ أباه هو مَنْ يشهد له. ثمّ عَبَرَ بحيرة طبريّة. أطعم كثيرين، تبعوه، خبزًا وسمكًا. وفي المساء، ركبنا سفينةً، وأتانا ماشيًا على البحر. وفي الصباح، حدّث جموعًا كثيرةً عن خبز الحياة. بعض مَنْ معنا استصعبوا كلامه، فتركوه. أمّا نحن، فلم نترك مَنِ الحياة الأبديّة عنده.
كان يسوع عالمًا أنّه في خطر كبير. فلم يرد أن يسير إلى اليهوديّة. اقترح عليه بعضٌ، لا يؤمنون به، أن يُظهر نفسه للعالم. قال إنّ ساعته لم تأتِ بعد. لكنّه صعد إلى العيد خفيةً. قصد الهيكل. علّم، وواجه الحاضرين بأنّهم يريدون قتله. اتّهموه بأنّ شيطانًا مسّه! فردّ علنًا أنّ الآب أرسله. لم يقبل اليهود كلامه، وأرادوا أن يمسكوه. لم يقدروا. أنبأ بموته. ودعا الناس إلى أن يشربوا من مائه الحيّ. اختلف الناس فيه. كان القادة يريدون قتله الآن. وعلمنا بأنّ نيقوديمس، الذي أتاه ليلاً، عارضهم في اجتماع خاصّ!
سعى الكتبة والفرّيسيّون إلى أن يمسكوه بقول. أتوه بامرأة أُخذت في زنًى، وسألوه قولاً فيها. ردّ عليهم: "مَنْ منكم بلا خطيئة، فليرجمها بحجر!". انصرفوا خازين. وحرّر المرأة. ثمّ شهد لنفسه. لم يقبل الفرّيسيّون كلامه. أنذرهم أنّهم، إن لم يؤمنوا به، فسيموتون. ولمّا قال إنّه الكائن قَبْلَ إبراهيم، أخذوا حجارةً، ليرموه بها. لكنّه توارى. ثمّ فضح عمى اليهود بمولودٍ أعمى شفاه. وبعد خطبة عن "الراعي الصالح"، أرادوه أن يُفصح إن كان المسيح. قال إنّه ابن الله. وأفلت منهم أيضًا. بعدها، أُخبر بمرض لعازار. عرف أنّه قد رقد. فذهب، وأقامه من قبر نزل فيه أربعة أيّام! خبر هذه الإقامة وصل إلى عظماء الكهنة والفرّيسيّين، فشعروا بأنّه يهدّد أمّتهم! كلّفوا بعضًا أن يعلموا بمكانه، ليمسكوه. جاء إلى بيت لعازر. احتُفل به. مسحت مريم أخت لعازر قدميه بطيب ثمين. غضب يهوذا. كان لصًّا. قال يسوع إنّ هذا تمهيد لدفنه! ثمّ دخل أورشليم على جحش! استقبلوه صغارًا وكبارًا استقبال الملك، وطلبوا أن يخلّصهم. زاد جنون الفرّيسيّين لرؤيتهم "العالم قد تبعه". فقال يسوع إنّ موته وشيكًا سيأتي بثمر كثير. وعلى إيقاع قوله، مجّده أبوه. ظنّ الجمع أنّه رعد. فقال إنّ ما سمعوه كان من أجلهم. وأرادهم أن يسلكوا في النور.
قربت النهاية! فأقام لنا عشاءً أخيرًا غسل لنا فيه أقدامنا. وطلب أن نتمثّل به. ثمّ أنبأ بخيانة يهوذا. وودّعنا بخطاب طويل كلّمنا فيه على الكرمة الحقّ، وبغض العالم له ولنا، ومجيء الروح القدس، ورجوعه إلى أبيه، وختمَهُ بصلاة كهنوتيّة. ثمّ خرج. عَبَرَ وادي قدرون، ودخل بستانًا. اعتقل هناك. واقتيد إلى حنّان. أنكره بطرس. أمّا حنّان، فأرسل به موثقًا إلى قيافا عظيم الكهنة. ثمّ أُخذ إلى بيلاطس الذي حاول أن يُخلي سبيله أوّلاً. لكنّ اليهود أصرّوا عليه أن يُصلب. وصُلب "حمل الله" في الوقت الذي بدأ اليهود يذبحون فيه حملان فصحهم. وعند صليبه، وقفت مريمات ثلاث وتلميذ حبيب إليه. قال لمريم أمّه: هذا ابنك. وله: هذه أمّك. في القولين، لم يضف لفظة: أيضًا، لنفهم أنّنا، بنعمته، بتنا إيّاه. وبعد أن مات، جاء تلميذ اسمه يوسف، وسأل بيلاطس أن يدفنه. وأتى نيقوديمس، ودفناه. وفي فجر الأحد، قام كما قال. تراءى لمريم المجدليّة أوّلاً. ثمّ لتلاميذه جميعًا. شكّ توما الذي لم يكن معنا. أتانا بعد ثمانية أيّام، ومحا كلّ شكّ بتبيانه أنّه الحيّ. ثمّ ظهر لنا على بحيرة طبريّة. وتاب على بطرس، وأكّد له أنّ مَنْ يحبّه يرعى رعيّته.
هذه بعض أمور صادقة. أمّا لو أردت أن أعلمكم بكلّ شيء عنه، فلن تكفيني أزمنة الدنيا كلّها!