عندما رأيتُهما يصرخان بلهجة غزّاوية أعرفها من جيران قدماء: "أريد أمّي وأبي"، كان الطفل الكبير (نحو ٩ سنوات) يحمل أخته الصغيرة بين ذراعَيه. لم أرَ الشخص الذي كانا يتوجّهان إليه في صراخهما. هل كان يُخفي نفسَهُ؟ نحن يمكننا أن نبكي. ولكنّ رجال غزّة اليوم عيناهم ليست لذرف المياه، بل للانشغال في الغضب الذي لا يرى سوى النصر. كانت المشاهد صعبةً عليَّ. أطفال من هنا ومن هناك، كلّهم، من فوق إلى أسفل، تراب ودم. كلّهم يركضون إلى هناك، إلى أين؟، لا يعرفون إلى أين! كان الطفلان يصرّان على طلب أبوَيهما. لا كلمة أخرى. لا تعبير عن الوجع. لا استدرار لعاطفة… ثمّ أضاءت عينا الطفل الكبير بتعابير فسَّرَها صراخٌ جديد: "أخي. هذا أخي. أريد أخي"! انتقلنا، وراء الصرخة، إلى رؤية طفل آخر، صغير، يركض، في مكانه، إلى "هناك…"، يغطّيه أيضًا تراب ودم. مَن يأخذ عينيَّ منّي؟
جميع الحقوق محفوظة، 2023