قبل أيّام، سألتني كنّتي عن أيّام شبابي. أخبرتُها، بتفصيل، عن أبي، عن وفاته التي علّمتني باكرًا أن أضع مسافةً بيني وبين جميع الناس. سلّمني أبي مسؤوليّة بيته باكرًا. انصرفتُ إلى دنيا العمل باكرًا. تزوّجتُ باكرًا. غدوتُ أبًا باكرًا. ناداني المطران جورج خضر إلى الدراسة إعدادًا للخدمة الكهنوتيّة باكرًا. رُسمتُ شمّاسًا ثمّ كاهنًا باكرًا… سألتني من جديد: "هل كنتَ ترجو لنفسك شيئًا آخر؟". أجبتُها: "أتركُ وفاةَ أبي. لو كان لي رأي في تاريخي، لقلتُ إنّ ما جرى معي في حياتي كلّها هو أكثر ممّا أستحقّه". الحياةُ، اعتراضاتٍ، شيءٌ من جحيم. السلام هو في براعة التسليم، هو في ثبات الوعي أنّنا نحيا بنعمة الله دائمًا. هل أقول إنّني راضٍ على نفسي في كلّ ما جرى معي، كلّه كلّه؟ أعرف نفسي أوّل الخطأة. ولكنّني، على كلّ ما أعرفه عن نفسي، أعرف أيضًا أنّ جوهر الحياة أن نحيا نشكر لله أنّه لا يبخل علينا بشيء، بأيّ شيء.
جميع الحقوق محفوظة، 2025
Powered by Wiz Consults