24يونيو

السبتيّون

            السبتيّون (The Adventists) هم شيعة أميركيّة (لها مراكز عدّة في بلادنا)، أسّسها وليم ميلر (1782- 1849)، وذلك بعد انفصاله عن "المعمدانيّين". بدأ ميلر حياته التبشيريّة في العام 1833، وأسّس في العام 1844 أوّل جماعة، اتّخذت، في العام 1860، اسمَ كنيسة "حلول اليوم السابع" أو "السبتيّة" اسمًا رسميًّا لها. جاء بعده أشخاص عديدون أهمّهم السيّدة ألن. ج. هوايت (1827- 1915)، وهي التي نظّمت أحوال هذه الجماعة ووضعت قوانينها. ويبدو أنّ السبتيّين يعتبرونها الرسولة الملهمة نظير "أنبياء التوراة"، إذ يقولون فيها: إنّ عطيّة النبوّة تجلّت في خدمة هوايت، "فبصفتها مرسلة من الربّ تُعدّ كتاباتها مصدرًا مستمرًّا وموثوقًا به للحقّ الذي يزوّد الكنيسة عونًا وإرشادًا وتعليمًا وتصحيحًا..." (المعتقدات الأساسيّة، 17).

            يعتمد السبتيّون على التنظيم. ففي قمّة الهرم، تأتي "الندوة العامّة" يديرها رئيس لجنة مقرّها واشنطن، ويليها اثنا عشر قسمًا في العالم تنتظم في وحدات، وتتبعها الندوات، وأخيرًا تأتي المجموعة المحلّيّة أو "الكنيسة" يديرها القساوسة بمعاونة المجلس. ويركّزون تركيزًا كبيرًا على الإعلام. فهم يملكون دورًا عديدة للنشر تنشر الدوريّات، ويبثّون إلى العالم برامج إذاعيّة من محطّات راديو عدّة يملكونها، كما ينظّمون دروسًا إنجيليّة بالمراسلة.

            من المعلوم أنّ معتقدات السبتيّين غير ثابتة، وهي تختلف حسب الظروف. ولقد عدلوا عن تعاليم كثيرة أطلقوها في بدء ظهورهم. تهمّنا، في هذا المقال، التعاليم التي ما زالوا يتمسّكون بها ويروّجونها، ومنها:

            1- إيمانهم بأنّ الربّ يسوع سوف يعود ثانيةً في فترة قريبة يحدّدونها. نقرأ في "المعتقدات الأساسيّة": "ويشير الإتمام الكامل لمعظم خطوط النبوءة، بالإضافة إلى الوضع الحاضر للعالم، إلى أنّ مجيء المسيح وشيك" (24). ولا يخفى أنّ "ميلر" تنبّأ، ولمرّات عدّة، عن وقت مجيء الربّ ثانيةً. فحدّد العام 1843 عامًا موافقًا لحدوثه. ولَمَّا لم يوفّق في ادّعائه، أجّل التاريخ مرّتين متتاليتين (إلى ربيع العام 1844 ثمّ إلى خريفه). وهذا، بالتأكيد، يخالف الكتب المقدّسة التي دعت إلى انتظار يوم الربّ بسهرٍ وتيقّظ، من دون أن تحدّد وقته أو تقول "بمراقبته" (مرقس 13؛ لوقا 12: 35- 40، 21: 5- 36؛ متّى 24 و25؛ أعمال 1: 7؛ و2 تسالونيكي 2: 1- 12).

            2- تكريسهم يوم السبت بدلاً من يوم الأحد (العقائد الأساسيّة، 19). وهذا سوف نعالجه في مقالة خاصّة. يكفي أن نشير هنا إلى بعض الآيات التي تفضح انحرافهم، وتُظهر أنّ يوم الأحد هو اليوم الذي كان المسيحيّون الأوّلون يجتمعون فيه لعبادة الله (1كورنثوس 16: 1- 2؛ رؤيا يوحنّا 1: 9- 11؛ أنظر أيضًا: لوقا 24: 28- 43؛ يوحنّا 20: 19- 26؛ أعمال الرسل 2: 1- 2، 20: 7، 11).

            3- قولهم إنّ كلّ ما في العالم هو مادّة، وليس للروح أو النفس أيّ وجود بعد الموت، وأنّ الموتى لا شعور لهم. يقولون في "العقائد الأساسيّة": "إنّ عاقبةَ الخطيئةِ الموتُ. لكنّ الله... سيمنح المفتدين الحياة الأبديّة. وحتّى ذلك اليوم يكون الموت حالة لا واعية لجميع الناس" (25، راجع أيضًا: 26؛ وألن هوايت، الصراع العظيم، صفحة 64 و65). وهم ينادون بقيامتَيْن، الأولى للأبرار فقط، وأمّا الثانية "قيامة غير الأبرار، فستحصل بعد ألف سنة". وهذا، بلا ريب، خليط من اليهوديّة وبدع قديمة، وهو يخالف التعليم الصريح الذي أكّد فيه الربّ أنّ الله إله إبراهيم وإسحق ويعقوب هو "إله أحياء وليس إله أموات" (متّى 22: 32؛ راجع ما قاله الربّ للصّ: "اليوم تكون معي في الفردوس"، لوقا 23: 43؛ وانظر أيضًا: فيلبّي 1: 21، 23؛ 1تسالونيكي 4: 14، 17)، وأنّ القيامة العامّة هي، في آنٍ، فجائيّة وواحدة. غير أنّ الأبرار والقدّيسين سيأخذهم الربّ "معه" متى ظهر، وسيفصل الأشرار عنه إلى نار أبديّة (راجع: متّى 25: 31- 46؛ 1كورنثوس 15...).

            4- رفضهم معموديّةَ الأطفال، إذ تقتصر معموديّتهم على البالغين فقط، ويشترطون أن "يسبقها تعلُّم الكتاب المقدّس وقبول تعاليمه" (المعتقدات الأساسيّة، 14). يقولون في كتابهم: "إيمان الأدفنتِسْت السبتيّين": "ليس الأطفال والأولاد الصغار مهيّئين للمعموديّة لأنّهم لا يستطيعون اختيار التجديد (أي التعلّم والتوبة)" (صفحة 325). وهذا شطط كبير عُولِجَ في نشرة "رعيّتي" (3، 1997). وذلك بأنّ معموديّة الأطفال لا تفترض تعلّمًا أو توبة، لأنّها تبنى على خلاص الله الذي وهبه مجّانًا لكلّ مولود في العالم.

            5- احتفالهم بالعشاء الشكريّ (السرّيّ؛ ويعتبرونه رمزيًّا) بعد غسل الأرجل (المعتقدات الأساسيّة، 15)، وذلك مرّة كلّ ثلاثة شهور. نقرأ في كتابهم "إيمان الأدفنتِسْت السبتيّين":"لم يحدّد الكتاب المقدّس كم مرّة يجب الاحتفال بعشاء الربّ... وقد اتّبع الأدفنتست ممارسة العديد من البروتستانت بإجراء هذه الفريضة الإلهيّة أربع مرّات في السنة...". ويبدو لهم أنّ: "الخطّة الرباعيّة حلّ وسط بين الاحتفال البعيد المدى كمرّة واحدة في السنة مثلاً" (أنظر: م.ن.، صفحة 349، الحاشية رقم 19؛ ولا يخفى أنّ نبيّتهم ألن هوايت، في كتابها الآنف ذكره، تسمّي ذبيحة القدّاس الإلهيّ "الذبيحةَ الوثنيّة"، صفحة 65). وهذا تشويه للتراث، إذ إنّ المسيحيّين الأوائل كانوا يجتمعون، بخاصّةٍ كلّ يوم أحد، ليأكلوا جسد الربّ ودمه الحقيقيّين (أعمال 2: 42، 46؛ 1كورنثوس 11: 17- 34...)، وممّا قاله القدّيس باسيليوس الكبير في هذا الباب: "إنّنا نتناول أربع مرّات في الأسبوع - وليس في السنة - ونشعر بأنّ هذا قليل".

            لا تتوقّف أخطاء هذه الشيعة عند هذا الحدّ، وذلك بأنّ انحرافاتهم الكثيرة يضيق المجال لذكرها هنا - منها: أنّهم يمتنعون "عن الأطعمة النجسة المحدّدة في الكتاب المقدّس" (ويعتمدون على لاويّين 11؛ وتثنية الاشتراع 14). وهذا يخالف قرارات الرسل في مجمع أورشليم (أعمال 15: 5- 21؛ أنظر أيضًا: رومية 14: 14- 17؛ تيطس 1: 15 و16؛ 1تيموثاوس 4: 1- 5)؛ ويعتبرون أنّ الذين سيخلصون عند مجيء الربّ ثانية هم 144 ألفًا (راجع: "إيمان الأدفنتست السبتيّين"، حاشية رقم 3، صفحة 635)، وهم، برأيهم، حَفَظَة السبت. ويدّعون أنّهم، وحدهم، حصلوا على موهبة النبوّة، وأنّهم معلّمو العالم. ولقد دعوا إلى توجيه الإنذار إلى العالم، وأنّه لا أحد سواهم يحيا بالروح في هذا الزمن... وهذه كبرياء فارغة تخالف الحقّ ولا تستحقّ الإجابة عنها... -، هذه الانحرافات، وغيرها، تبيّن أنّ الذين آثروا "الكتاب المقدّس وحده"Sola Scriptura، وبنوا عقائدهم على أنقاض بدع وهرطقات ظهرت في التاريخ وأدانتها الكنيسة، هم يخالفون الحقيقة التي يعلنها هذا الكتاب. ولا يخفى أنّ كلّ "بناء روحيّ" لا يمكنه أن يقوم ويرتفع إن لم يؤسّس على حقيقة يسوع المعبّر عنها في الإيمان الأرثوذكسيّ. فتحذّروا من انحرافاتهم وأضاليلهم.

شارك!

جميع الحقوق محفوظة، 2023
Skip to content