الأب إيليّا متري | Father Elia Mitri

أمين

       كان أمين شابًّا رضيًّا من خيرة شباب كنيستنا المجاهدين. كان "كلّه صلاة"، وكلّه رقّة وحماسة وخدمة.

       اضطرّته ظروفه إلى أن يترك لبنان، في مطلع الحرب اللعينة التي أرهقت بلادنا لسنوات، في الربع الأخير من القرن المنصرم. ولكنّه لم ينسَ حبّه الأوّل، ولم تغرّبه غربته. وبقي وفيًّا لله ولأصدقائه الكثيرين الذين كان يراسلهم، وكانوا يراسلونه بانتظام.

       كانت رسائله المبلّلة بدموع الشوق والحنين حثًّا على الصلاة، والتماسًا للأدعية. وحتّى يتأكّد ممّا يريده، ويبتغيه، كان يصنع، في غربته، سبّحات صلاة، كان قد أتقن حرفتها في دير شارك رهبانه في حياتهم لشهور عدّة. وكان يرسلها لأصدقائه، عبر البريد، أو بيد مسافر زائر، ليصلّوا، ويذكروه.

       غير أنّ الغربة أتعبته، فتوقّف قلبه فجأة، وسقط لا على الطريق، ولكن في يدي الله.

       كان موته صدمة لكثيرين. غير أنّ أصدقاءه كانوا متأكّدين أنّ الله "أعدّ له شيئًا أفضل"، وأنّه، في السماء، يكمل ما كان يفعله في الأرض.

       واليوم، بعد غياب طويل، ما زال طيبه يتضوّع، ورسائله تحضّ على الأمانة، والسبّحات الصوف، التي أودعها أيادي أصدقائه وقلوبهم، تقرن اسمه باسم الربّ يسوع الرحيم.

شارك!
Exit mobile version