استوقفتني بعد جنازة صديقتها، وأخبرتني: "منذ شهر، جمعتُ لها في منزلي صديقاتٍ لنا، واحتفلنا بعيد ميلادها"! أعرفهنّ جميعهنّ. كلّهنّ تجاوزن الثمانين من عمرهنّ. أكبرهنّ كانت التي جنّزناها. لا تعرفون كم أثّر فيَّ هذا الخبر. هناك حبّ عظيم يجري في الصمت. كيف يعبّر إنسان عن حبّه لشخصٍ عاد لا يعرفه تقريبًا، شخصٍ شاخت ذاكرتُهُ؟ هذا تمثّلٌ بالله الذي يحبّنا مجّانًا. سمعتُها حتّى أنهت خبرها الذي رطّبته بعضُ حبيبات ماء تساقطت من عينَيها! لم أسألها شيئًا. لم أقل لها مثلاً: "هل عرفتْ فلانة (السيّدة التي جنّزناها) أيًّا منكنّ؟". لكنّي عزّيتها بكلماتٍ أخذتُها منها، من فمها وعينَيها. فعلاً، الحبّ هو أعظم الوعي!
جميع الحقوق محفوظة، 2023