عندما مسكتُ قلمي اليوم، خطر في بالي أن أكتب اعتذارًا من أصدقاء ارتضوا أن أشجّعهم على البقاء في لبنان. أعتذر، لم أستطع أن أعتذر. على أنّنا منذ أن شببنا إلى هذا اليوم لم نرَ يومًا طبيعيًّا في بلدنا، لن أعتذر. عندما تقدّم رأيًا يقنعك لآخر تجمعك به صداقة حقيقيّة، أنت لا تلزمه بشيء، بل تعرض له ما تراه أفضل لك وله. يبقى أنّني ما زلتُ على قناعتي. قناعتي أنّنا، إن كان الله قد قرّر لنا أن نكون هنا، ليس لنا أن نكسر قراره، بل أن نفهم قصده منه. عندما كنتُ في مطار باريس قبل أيّام قرب باب الطائرة التي حملتني إلى لبنان، الناس، الذين كانوا ينتظرون على أبواب طائرات أخرى، كانوا كلّهم، كلّهم من دون استثناء، ينحنون على هواتف يحملونها. اللبنانيّون وحدهم كانوا يعطون وجوههم بعضهم لبعض. كانوا معًا، بلا سابق معرفة، يتحدّثون كما لو أنّهم أهل. هذه صورة عن بلد لا يُترَك. لا أحلى من لبنان!
جميع الحقوق محفوظة، 2025
Powered by Wiz Consults